للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعل عزمه على وروده الشرب له «١» لجهد العطش، وعلى تركه الورود مرة لخوف الرامي وترصّد القانص نفسين له.

ومن ذلك قول الأعشى:

أرمي بها البيد إذا هجّرت ... وأنت بين القرو والعاصر

«٢» فقال: أنت، وهو يريد نفسه، فنزّل نفسه منزلة سواه في مخاطبته لها مخاطبة الأجنبيّ.

ومثل ذلك قوله:

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل ... وهل تطيق وداعاً أيّها الرّجل

«٣» فقال: ودّع، فخاطب نفسه كما يخاطب غيره، ولم يقل:

لأودّع، وعلى هذا قال: أيّها الرجل، وهو يعني نفسه. وقال:

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمداً «٤» فكذلك قوله لنفسه أَعْلَمُ «٥» أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ


(١) سقطت من (ط).
(٢) البيت في اللسان (قرا) للأعشى وفيه: «إذ أعرضت» بدل «إذا هجّرت».
وليس في ديوان الأعشى. وهو أشبه بقصيدته التي يهجو فيها علقمة بن علاثة ويذكر في آخرها ناقته. انظر ديوانه ص ١٤٧ والقرو: مسيل المعصرة ومثعبها.
(٣) سبق انظر ١/ ٣١٨.
(٤) صدر بيت للأعشى عجزه:
وعادك ما عاد السليم المسهّدا والسليم يطلق على اللديغ تفاؤلًا، وهو مطلع قصيدة للأعشى يمدح بها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. انظر ديوانه/ ١٣٥. واستشهد به القرطبي مع سابقه في تفسيره ٣/ ٢٩٧ عن أبي علي للمعنى الذي ذكره أبو علي هنا.
(٥) ضبطها في (م): «أعلم» بالمضارع، وما أثبتناه من (ط) وهو الذي ينسجم مع ما ذهب إليه المصنف.