فالعلمانية تحل ما حرم الله، وتحرم ما أحله الله. وليس هذا في الزنا والربا والخمر فقط، أو في الحدود والتعازير فقط، أو في مادة أو أكثر من مواد القانون الوضعي العلماني، بل إن قضية تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحله الله هي قضية النظام القانوني العلماني بأكمله، وبجميع جوانبه المختلفة.
ولما كان تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله كفرًا لمن فعله، ومَن قَبِله، ولنبقى مسلمين يجب علينا أن نرفض الكفر، وشريعة الكفر، وأن نرفض العلمانية التي تقوم على هذه الشريعة التي تحلّ ما حرم الله، وتحرّم ما أحل الله.
٢ - ونحن نرفض العلمانية لأنها كفر بواح:
العلمانية هي قيام الحياة على غير الدين، أو فصل الدين عن الدولة، وهذا يعني – بداهة - الحكم بغير ما أنزل الله، وتحكيم غير شريعته سبحانه، وقبول الحكم والتشريع من غير الله - سبحانه وتعالى -؛ لذلك فالعلمانية هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء وإيثار أحكام غير حكمه في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في الشريعة، بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله المنزلة.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله -: «إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرد إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله - عز وجل -: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النساء: ٥٩).
فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع الإيمان في قلب عبد أصلًا، بل أحدهما ينافي الآخر؛ فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به، وتقرهم عليه،