أخي الخطيب قبل أي شيء أوصيك أن تجدد نيتك وتتفقد إخلاصك حتى تكون لكلماتك وخطبك أثرًا في قلوب الناس، ثم تأمل كم لك من الأجور والحسنات وأنت تقوم في مسجدك خطيبًا كل جمعة، وكم هو النفع الذي ينتشر بين الناس بسبب كلماتك ونصائحك عبر الخطبة.
إن الخطيب من أولى الناس مطالبة بالإخلاص لله تعالى، لأنه ربما رأى مقامه وهو يخطب المئات، ويعلمهم ويذكرهم فيرى أن له فضلًا عليهم، وتقدمًا دونهم، فتحمله نفسه على العُجْب، والتعالي، والغَضّ من قدْر غيره ونسبتهم إلى الجهل، فالإخلاص لله تعالى يعَرِّفه قدر نفسه، ويقيه شرها.
فالذي ينبغي للخطيب في ذلك أن يكون منشأ الخطبة والسعي إليها وطلبها، من باب الإخلاص لله - عز وجل -، وتبليغًا للدين، ودعوةً إلى التمسك بالعقيدة الصحيحة والشريعة السمحة، ولكن هذا العمل لا يتم قبوله ـ بعد الإخلاص لله - عز وجل - ـ إلا بمتابعة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعدم الابتداع، فهذان هما شرطا قبول العبادة.
يجب على الخطيب أن يراقب قلبه، ويحاسب نفسه في أثناء العمل، حتى يضمن أنه على الطريق المستقيم، فإن لمس في نفسه تطلعًا إلى غير ثواب الله تعالى، والتفاتًا إلى غير مولاه، تذكرَ فاستغفرَ وأبصرَ {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}(الأعراف: ٢٠١).
وإذا شعر أنه إنما يرفع من صوته، أو يغير من نبرته، أو يكرر العبارة، أو غير ذلك من أجل إرضاء الحضور أو بعضهم بادر إلى تصحيح نيته، وتقويم قصده.
وينبغي للخطيب محاسبة نفسه وتقويمها بعد الخطبة، فإن وجد خيرًا حمد الله تعالى على توفيقه، وإن وجد غير ذلك عزم على تدارك أمره، وإصلاح خطئه.