يكون مفتيًا أو مجتهدًا، فلكل علم رجال، وقد يجيد المرء جانبًا من جوانب العلم، ولا يجيد آخر، فعلى المصلين أن لا يحرجوا الخطيب، ولا ينزلوه فوق منزلته.
• ماذا تقرأ في صلاة الجمعة؟
يحرص بعض الخطباء ـ عن حسن نية ـ أن يقرأ في صلاة الجمعة آيات تتناسب مع موضوع خطبة الجمعة، وهذا ـ وإن كان عن حُسن نية ـ فهو خلاف السنة، فإن الأكمل اتباع سنته - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ كما في صحيح مسلم ـ أنه كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة في الركعة الأولى، وسورة المنافقين في الركعة الثانية، أو يقرأ في الأولى سبح، وفي الثانية الغاشية، أو يقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى، وسورة الغاشية في الركعة الثانية.
فيتبين من هذا أن ما يفعله بعض الخطباء خلاف السنة، وكذلك الاقتصار على بعض السورة، أو يقرأ إحداهما في الركعتين. وهذا خلاف السنة.
قال الشيخ بكر أبو زيد ـ عضو هيئة كبار العلماء في السعودية سابقًا ـ - رحمه الله -: «رتب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في قراءة صلاة الجمعة ثلاث سنن: قراءة سورتي الجمعة والمنافقون، أو سورتي الجمعة والغاشية، أو سبح والغاشية.
وقد فشى في عصرنا العدول من بعضهم عن هذا المشروع إلى ما يراه الإمام من آيات أو سور القرآن الكريم، متناسبًا مع موضوع الخطبة.
وهذا التحرّي لم يُؤْثَر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا يُعرف عن سلف الأمة، فالتزام ذلك بدعة، وهكذا قصْد العدول عن المشروع إلى سواه على سبيل التسنن فيه استدراك على الشرع، وهجر للمشروع، واستحباب ذلك، وإيهام العامة به، والله أعلم» (١).
أما من قرأ بسورة غير هذه السور ولم يداوم على سور معينة منها، فإن فِعْله لا يُعَدُّ بدعة، وإن كان قد خالف السنة.