للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - «الغناء واللهو ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب».

وليس معنى ذلك جواز الموسيقى أو الغناء المصحوب بموسيقى؛ فإن من أوضح الأدلة على تحريمهما قولُ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ، وَالمَعَازِفَ» (رواه البخاري) (١).

[التنبيه الرابع]

ليس معنى عدم صحة دلالة الحديث الضعيف أو الموضوع على شيء ما أن نفهم منه عدم دلالته على غيره، فمثلًا: حديث: «خمس تفطر الصائم وتنقض الوضوء: الكذب، والغيبة، والنميمة، والنظر بالشهوة، واليمين الفاجرة» لا يصح، وليس معنى أن هذه الأشياء لا تفطر الصائم أو تنقض الوضوء أنها ليست في ذاتها حرام، أو أنها لا تؤثر على ثواب الصائم.

[التنبيه الخامس]

قد يحتوي الحديث الضعيف على جزء من حديث صحيح، وليس معنى ذلك أن ذلك الجزء غير صحيح، ومن الأمثلة على ذلك حديث: «أكرموا العلماء؛ فإنهم ورثة الأنبياء فمن أكرمهم فقد أكرم الله ورسوله». حديث لا يصح، ولكن صحَّ أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَه أَخَذَ بِحَظٍّ وافر» (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

التنبيه السادس: أحيانًا تجد في الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة بعض الأدعية أو الأذكار المطلقة - غير المحددة بزمان أو بمكان أو بحال - كدعاء: «اللهم


(١) الحِرَ: هُوَ الْفَرْجُ، وَالْمعْنَى يسْتَحلُّونَ الزِّنَا. يسْتَحلُّونَ: قَالَ ابن الْعَرَبِيِّ: «يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ حَلَالًا، وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك مَجَازًا عَلَى الِاسْتِرْسَالِ أَيْ يَسْتَرْسِلُونَ فِي شُرْبِهَا كَالِاسْتِرْسَالِ فِي الْحَلَالِ، وَقَدْ سَمِعْنَا وَرَأَيْنَا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟». وَالْمَعَازِف: هِيَ آلَاتُ الْمَلَاهِي.
انظر: فتح الباري لابن حجر (١٠/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>