إلى أقوال الأئمة والحفاظ المدونة في الكتب، عملًا بقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(الأنبياء: ٧).
[التنبيه الثاني]
قد يلاحظ القارئ الكريم أن بعض الكلام الموجود في الأحاديث الضعيفة والموضوعة معناه صحيح أو أنه كلام طيب أو يدل على حكمة قائله ورزانة عقله، مثال ذلك:«عجلوا بالصلاة قبل الفوت، وعجلوا بالتوبة قبل الموت». فمع أنه حديث موضوع فإن معناه صحيح كما قال الشيخ الألباني - رحمه الله - في (سلسلة الأحاديث الضعيفة (١/ ١٧٤، رقم ٧٥).
ومن ذلك حديث:«خمسة كتبت على ساق عرش الرحمن، لا حيلة في الرزق، ولا شفاعة في الموت، لا راحة في الدنيا، لا رادّ لقضاء الله، ولا سلامة من ألسنة الناس»، فإن المعاني الواردة في الرواية معان صحيحة، جاء ما يشهد لها من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ولكن ليس كل ما صح معناه جازت نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإلا جاز لكل شخص أن يكذب على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ويختلق الأحاديث عليه، ثم تكون حجته أن ما كذبه له شواهده من القرآن والسنة.
فالحق أنه لا يحل نسبة هذا الكلام إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكَوْنُ معناه صحيحًا لا يبرّر للمسلم أن ينسبه إلى الصادق المصدوق - صلى الله عليه وآله وسلم -. فقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ؛ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»(رواه البخاري ومسلم). وقال - صلى الله عليه وآله وسلم - أيضًا:«مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»(رواه البخاري).