للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦١ - الثبات حتى الممات]

فتح باب الإيمان:

«فَقَالَ النَّاسُ: «آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ».

لقد كان آخر ما قاله الغلام هو أمره للملك بأن يقول: «بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ». وبهذه الكلمة فتح الغلام للناس باب الإيمان. فقد كانوا يعرفونه محبًا لهم وساعيًا لمنفعتهم ومداويًا لأدوائهم وما بقي إلا أن يعرف الناس أن للغلام ربًّا هداه إلى محبتهم وأذِنَ له بشفائهم.

«بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ» باسمه تحقق عجز الملك، وباسمه سيموت الغلام راغبًا من أجل إيمانهم، وهنا نشعر بمدى القهر الذي انتهى إليه الملك. فبعد أن كان يدَّعي الربوبية ويعذب ويقتل من لا يدَّعيها له، يقول في النهاية بنفسه: «بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ». ولذلك لم يكن الغلام خائفًا من أن تنعكس رؤية الناس له وهو يموت خوفًا من الملك بعد قهره بهذا الموقف.

كما أن الغلام لم يكن خائفًا لأنه استطاع أن ينشئ تعاطفًا كاملًا له في نفوس هؤلاء الناس بسلوكه معهم قبل ذلك وبموقف الموت ذاته حيث تحدد الفارق بينه كغلام صغير مصلوب على جذع شجرة وبين الملك الظالم.

وداعًا أيُّها البطلُ ... لفَقْدِك تَدمعُ المقلُ

لئنْ ناءَتْ بنا الأجسادُ ... فالأرواحُ تتصلُ

فنسألُ ربَّنا المولَى ... وفي الأسحارِ نبتهلُ

بأنْ نلقاكَ في فَرَحٍ ... بِدارٍ مَا بها مَللُ

بجنّاتٍ وروضاتٍ ... بها الأنهارُ والحُلَلُ

بها الحورُ تُنادينَا ... بصوتٍ مَا له مَثَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>