للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها الأحبابُ قاطبةً ... كذا الأصحابُ والرسلُ

بها أبطالُ أمَّتِنا ... بها شُهَدَاؤُنا الأوَلُ

فيَا مَن قَدْ سَبَقْتَ ... إلى جِنَانِ الخُلْدِ ترتحِلُ

هنيئًا ما ظفرْتَ به ... هَنيئًا أيُّها البطَلُ

واستجاب الناس:

وعندما انتهى الخوف من الملك المقهور وبدأ التعاطف مع الغلام الداعية بدأ الناس في الإحساس الصحيح بالموقف: غلام صغير يحب الناس ويقدم لهم المنافع والخير، يموت برغبته من أجلهم، بعد أن أثبت عجز الملك وضعفه، يموت من أجل أن يؤمنوا بالله رب الغلام.

انظُرْ إلى الماءِ إنّ البذْلَ شيمَتُه ... يأتي الحقولَ فيرْوِيها ويحْمِيها

واستجاب الناس، فاندفعوا من كل مكان بلا خوف يرددون نداءات الإيمان: «آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ».

مواجهة بين أهل الحق وأهل الباطل:

فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: «أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ، قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ» فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ»، فَفَعَلُوا.

لم يتوقف اندفاع الناس من كل طريق وفي كل السكك وواصلوا الاندفاع حتى أخاديد النيران. وواصل الملك مواجهة الجماهير المندفعة فقال: «مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ»؛ ليقاوم كل إنسان بنفسه حب البقاء في نفسه فيكون أقل مقدار للضعف كافيًا وسببًا للارتداد. وقد كانت هذه الفكرة آخر ما أفرزته رأس هذا الملك المهزوم من سموم المكر. ولكن الإيمان أبطل أثرها، وعالجت قوة الاندفاع الأصيل إلى الموت أثر أي ضعف كان كامنًا في النفوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>