للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقف لغلام آخر:

ويذكر لنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مشهدًا لمعالجة الإيمان لإحساس التعلق بالحياة فيه: «حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: «يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ».

جاءت الأم بولدها متمسكة به إلى النهاية لم تَفْصلها أهوال الأحداث عنه حتى جاءت إلى حافة الأخدود واشتعلت مشاعر الأمومة وكراهية الموت فيها فترددت أن تقع بابنها ولكن الطفل - مرة أخرى طفل - يُطْفئ في إحساس أمه لهيب النار ذات الوقود لتُلْقِي بنفسها وتنجو من الضعف والتقاعس، وكان حديث هذا الصبي هو آخر كلمات القصة عند حافة الأخدود، قصة الانتصار للحق.

كمْ في خيامِ الذُلِّ مِن فتيانِنَا ... مَن نالَهُ ما نالني ودهاهُ

لكنَّنِي عِفْتُ الحياةَ مشردًا ... ورضيتُ دربًا لا أريدُ سواهُ

لاتمسحِي دمعي ولكن ودِّعي ... بطلًا يباركُ ربُّه مَسْعاهُ

لاتجزعي فلَقَدْ يَطُول غيابُه ... عن مُقْلَتَيْكِ وتخْتَفِي رُؤْيَاهُ

وإلى اللقاءِ لدَى الإلهِ وخُلْدِه ... في عالمِ الأرواحِ يا أمَّاهُ

ومضَى الفِدائِيُّ الشهيدُ لربِّهِ ... عَجِلًا إليه كَيْ ينالَ رِضاهُ

وتبقى مشاهد العذاب وأخاديد النيران بشررها المتطاير ولهيبها ترتفع ألسنته بأجساد المؤمنين الطاهرة. ويبقى أثر تلك النار في قلب كل مؤمن مستضعف في الأرض ترتفع ألسنتها كلما استشهد شهيد في سبيل تلك الدعوة من أجل التمكين لها في الأرض وهذه الحياة.

لدى ذِكْرِكم تحْيَى المحامدُ والعُلَى ... وما ماتَ مَن في ذِكْرِه للْعُلَى ذِكْرُ

فإنْ ستَرَتْ تلكَ القبورُ جُسومَكم ... فثَمَّ خصالٌ ليسَ يستُرُها قبرُ

من المجدِ نِلْتُم غايةً بعدَ غايةٍ ... يقودُكم عزمٌ ويدفعُكم صَبْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>