للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٩ - تَرَكوا لله فعوضهم الله

٦ - عاقبة الاسترجاع والصبر:

صبرت أُمُّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - فَأَخْلَفَ اللهُ لها رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -:

الإنسان المسلم معرض في هذه الحياة للاختبار والابتلاء والامتحان، فعليه إذا ابتُلِيَ أنْ يصبر ويحتسب مصيبته عنده الله، فإن الله لا يضيع عنده شيء، بل يُخْلِف عليه خيرًا مما أُخذ منه، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، يَقُولُ: “ مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (١)، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا “، قَالَتْ: «فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: «أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -». (رواه مسلم).

(أجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا) مَعْنَى أَجَرَهُ اللهُ: أَعْطَاهُ أَجْرَهُ وَجَزَاءُ صَبْرِهِ وَهَمِّهِ فِي مُصِيبَتِهِ. (وَأَخْلِفْ لِي) يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ مَالٌ أو ولد أو قَرِيبٌ أَوْ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُ مِثْلِهِ: «أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ» أَيْ رَدَّ عَلَيْكَ مِثْلَهُ. فَإِنْ ذَهَبَ مَا لَا يُتَوَقَّعُ مِثْلُهُ بِأَنْ ذَهَبَ وَالِدٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ أخٌ لِمَنْ لَا جَدَّ لَهُ وَلَا وَالِدَ لَهُ قِيلَ: «خَلَّفَ اللهُ عَلَيْكَ» بِغَيْرِ أَلِفٍ أَيْ كَانَ اللهُ خَلِيفَةً مِنْهُ عَلَيْكَ.

إن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، فمن ترك لطم الخدود وشق الجيوب والنياحة وغير ذلك من المنكرات واحتسب مصيبته عند الله، واسترجع فإن الله - سبحانه وتعالى - يُخلفه وهو خير الوارثين.


(١) البقرة: ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>