عن أنس بن مالك سدد خطاكم عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: “ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ صَدْرُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِله، وَمُنَاصَحَةُ أُولِي الْأَمْرِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَاءِهِمْ» (رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه الأرنؤوط).
(ثَلَاثٌ لَا يَغِلّ) - بتشديد اللام - من الغِلّ: وهو الحقد والشحناء، أي: لا يدخله حقد يُزيله عن الحق، ورُوِيَ: “ يَغِلُ “ بالتخفيف، من الوُغُول: وهو الدخول في الشر، ويُروَى بضم الياء (يُغِلّ) من الإغلال: وهو الخيانة، والمعنى: أن هذه الخلال الثلاث تُستَصلَح بها القلوبُ، فمن تمسَّك بها، طَهُرَ قلبُه من الخيانة والدََّخَل والشر.
(فإنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَاءِهِمْ)(مَنْ وَرَاءَهِمْ) بفتح الميم في (مَن) على أنه اسم موصول بمعنى (الذي)، ونصب (وَرَاءَهِمْ) أي: تنال غائبهم.
أو بكسر الميم في (مِن) وجر (وَرَاءِهِمْ) على أن (مِن) حرف جرّ، أي: تجمعهم بحيث لا يَشِذُ منهم شيء.
ثانيًا: رضا العبد بما قسمه الله - سبحانه وتعالى - له:
فقد كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ»(رواه النسائي، وصححه الألباني). (وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ) أي الرضا بما قدرته لي في الأزل لأتلقاه بوجه منبسط، وخاطر منشرح، وأعلم أن كل قضاء قضيته لي فلي فيه خير.
إن الرضى يفتح للعبد باب السلامة فيجعل قلبه سليمًا نقيًّا من الغش والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا مَن أتَى الله بقلب سليم، وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضى وكلما كان العبد أشد رِضًى كان قلبه أسلم؛ فالخبث والغش قرين