للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠ - لا تَغْضَبْ

عَنْ أَبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -:أوصِني، قال: «لا تَغْضَبْ» فردَّد مِرارًا قال: «لا تَغْضَبْ».رواهُ البُخاريُّ.

وخرَّج الترمذي هذا الحديثَ ولفظُه: جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: يا رسول الله علِّمني شيئًا ولا تُكثر عليَّ لَعَلِّي أعيه، قال: «لا تَغْضَبْ» فردد ذلك مرارًا كلُّ ذلك يقول: «لا تَغَضَبْ».

وفي رواية أخرى لغير الترمذي قال: قلتُ: يا رسولَ الله، دلني على عمل يُدخلني الجنَّة ولا تُكثِرْ عليَّ، قال: «لا تَغْضَبْ» (صحيح).

• الغضبُ مفتاحُ كلِّ شرٍّ:

هذا الرجلُ طلب مِن النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أنْ يُوصِيهَ وصيةً وجيزةً جامعةً لِخصال الخيرِ، ليحفظها عنه خشيةَ أنْ لا يحفظها؛ لكثرتها، فوصَّاه النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أنْ لا يغضب، ثم ردَّد هذه المسألة عليه مرارًا، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يردِّدُ عليه هذا الجوابَ، فهذا يدلُّ على أنَّ الغضب جِماعُ الشرِّ، وأنَّ التحرُّز منه جماعُ الخير.

وروى الإمامُ أحمد عن عبد اللهِ بن عمرو: أنَّه سأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم -:ماذا يُبَاعِدُني مِنْ غَضَبِ اللهِ - عز وجل - قال: «لا تَغْضَبْ» (إسناده جيد).

قال جعفر بنُ محمد: الغضبُ مفتاحُ كلِّ شرٍّ.

وقيل لابنِ المبارك: اجْمَعْ لنا حسنَ الخلق في كلمة، قال: تركُ الغضبِ.

وكذا فسَّر الإمام أحمد، وإسحاقُ بنُ راهويه حسنَ الخلق بتركِ الغضب.

فقولُه - صلى الله عليه وآله وسلم - لمن استوصاه: «لا تَغْضَبْ» يحتَمِلُ أمرين:

أحدُهما: أنْ يكونَ مرادُه الأمرَ بالأسباب التي توجب حُسْنَ الخُلُقِ من الكرم والسخاء والحلمِ والحياء والتواضع والاحتمال وكفِّ الأذى، والصفح والعفو، وكظم

<<  <  ج: ص:  >  >>