البركة التي جعلها الله في الأشياء تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: بركة ذاتية، جعلها الله في الذوات: وهذه البركة هي في أجسام الأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام- , فيجوز أن يتبرك من يشاء من قومهم بهم، إما بالتمسّح بأجسامهم أو بعرقهم أو بشعرهم؛ لأن الله قد جعل أجسامهم مباركة، فمن تبرك بهم تعدت إليه البركة، وقد كان نبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ذا جسدٍ مبارك، فكان الصحابة - رضي الله عنهم - يتبركون بشعره - صلى الله عليه وآله وسلم -، وفي حديث أنس - رضي الله عنه - قال:«لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ فَقَالَ: «احْلِقْ»، فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ:«اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ»(رواه مسلم) , وكان إِذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ (رواه البخاري). وهذه البركة الذاتية خاصة بالأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام -.
القسم الثاني: بركة معنوية، ومنها:
بركة المسلم فكل مسلم مبارك , وهي بركة ما معه من الإسلام والتقوى، ومتابعة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ»(رواه البخاري). وهذه بركة عمل، وكلما كان المسلم أكثر تمسكًا واتباعًا لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان أكثر بركةً , فالتبرك بأهل العلم والتقوى هو الأخذ من علمهم والاقتداء بهم في التقوى والعمل الصالح، ولا يجوز أن يُتَمَسَّح بهم أو يُؤْخَذ ريقُهم للتبرك به لأن الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - لم يفعلوا ذلك مع خير هذه الأمة بعد نبيها - وهم أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم -.