قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ»(رواه مسلم).وهذا دليل على أن الفقه من صفات الخطيب. فالثقافة الشرعية تتنوع إلى أنواع، فمنها ما هو ألزم كفقه العقيدة، وأصول الإيمان، والتوحيد بأنواعه الثلاثة، ومنها ما هو لازم للخطب وهو الأنواع التالية:
١ - فقه ما يرقق القلوب، وينعش النفوس من الزهد والرقائق، ولطائف السير، وأخبار الصالحين، فإنها منشطة للنفوس، باعثة للعمل والتأسي.
٢ - فقه ما يتعلق بصلاة الجمعة، وأحكام الجمعة، والخطبة.
٣ - فقه ما يرتبط بالمناسبة، فإذا خطب عن الحج لمناسبته، أو عن الصوم بمناسبة حلول شهر رمضان، فينبغي أن يكون فقيهًا بأهم أحكام الحج، وأهم أحكام الصيام، وإذا تكلم عن الربا، أو الرشوة، أو تكلم عن المخدرات، وغير ذلك فينبغي أن يكون ملمًا بأطراف موضوعه، فقيها بأهم أحكامه، فإنه ربما سئل عن بعض مسائله.
٤ - فقه عام، وهذا يعتمد على دراسة الخطيب الشرعية وعلمه، واطلاعه في هذا الجانب.
وعلي الخطيب أن يتقي الله تعالى، ولا يفتي فيما لا يفقه ولا يدخل فيما لا يعلم، وما لا يحسن، ولا تحملنه إجادة القول على الإعجاب بنفسه، والإسراع إلى الفتوى، لاسيما إذا لم يكن من طلبة العلم، أو دارسي العلم الشرعي، والتقوى تقتضي أن يكون شجاعًا فيَرُدّ الأمر إلى عالمه، أو يقول: لا أدري، فتسلم مقالته.
وعلى المصلين والمخاطبين أن يعلموا بأنه ليس كل من يحسن الخطابة يحسن الفتوى، ولا يفترض في الخطيب أن يكون فقيهًا مفتيًا، وليس نقصًا في الخطيب أن لا