إن الصراع بين الحق والباطل دائم ما دامت الدنْيَا، واتباع فئام من الأمة المحمدية أهلَ الباطل في باطلِهم من يهود ونصارى ومجوس وعباد أوثان وغيرهم، وبقاء طائفة على الحق رغم الضغوط والمضايقات، كل ذلك سنن كونية مقدرة مكتوبة، ولا يعني ذلك الاستسلام وسلوك سبيل الضالين؛ لأن الذي أخبرنا بوقوع ذلك لا محالة حذَّرنا من هذا السبيل، وأمرنا بالثبات على الدين مهما كثر الزائغون، وقوي المنحرفون، وأخبرنا أن السعيد من ثبت على الحق مهما كانت الصوارف عنه، في زمن للعامل فيه مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عمل الصحابة - رضي الله عنهم -.
فعَنْ عُتْبَةَ بن غَزْوَانَ - رضي الله عنه - أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ:«إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ»، قَالُوا:«يَا نَبِيَّ اللهِ، أَوْ مِنْهُمْ؟»، قَالَ:«بَلْ مِنْكُمْ». (رواه الطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني).
ولسوف يكون من أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أقوام ينحرفون عن الحق صوب الباطل يغيّرون ويبدّلون، وعقوبتهم أنهم سيُحجزون عن حوض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما يَرِدُه الذين استقاموا ويشربون منه؛ فقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَلاَ لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِى كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: «أَلاَ هَلُمَّ»، فَيُقَالُ:«إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ»، فَأَقُولُ:«سُحْقًا سُحْقًا». (رواه مسلم).
ومن أعظم مظاهر التغيير والتبديل، والتنكر لدين محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - اتِّباع أعداء الله - سبحانه وتعالى - في كل كبيرة وصغيرة، باسم الرقي والتقدم، والحضارة والتطور، وتحت شعارات التعايش السلمي والأخوة الإنسانية، والنظام العالمي الجديد والعولمة والكونية، وغيرها من الشعارات البراقة الخادعة.