للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٤ - أكل الميراث بالباطل]

النفسُ تجزعُ أنْ تكونَ فقيرةً ... والفقرُ خيرٌ مِن غِنًى يُطغِيهَا

وغِنَى النفوسِ هو الكفافُ فإنْ أبَتْ ... فجميعُ ما في الأرضِ لا يَكفِيها

أموالُنا لذوِي الميراثِ نجمعُها ... ودُورُنا لخرابِ الدهرِ نبنِيها

كم مِن مدائنَ في الإقامةِ قد بُنِيَتْ ... أمسَتْ خرابًا وأفْنَى الموتُ أهلِيها

• وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا:

يقول الله - عز وجل -: {فَأَمَّا الإنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} (الفجر:١٥ - ٢٠).

يقول تعالى منكرًا على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله عليه في الرزق ليختبره في ذلك، فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له وليس كذلك، بل هو ابتلاء وامتحان.

كما قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ} (المؤمنون:٥٥، ٥٦). وكذلك في الجانب الآخر إذا ابتلاه وامتحنه وضَيَّق عليه في الرزق، يعتقد أن ذلك من الله إهانة له.

قال الله - عز وجل -: {كَلّا} أي: ليس الأمر كما زعم، لا في هذا ولا في هذا، فإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ويضيق على من يحب ومن لا يحب، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين، إذا كان غنيا بأن يشكر الله على ذلك، وإذا كان فقيرًا بأن يصبر.

وقوله: {بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} فيه أمر بالإكرام له؛ فعن مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْغَيْثِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سدد خطاكم قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -:

<<  <  ج: ص:  >  >>