للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤ - رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفُ

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» (صَحيحٌ رواه الترمذيُّ).

هذا الحديث رواه الإمامُ أحمد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: «كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «يَا غُلَامُ ـ أَوْ يَا غُلَيِّمُ «أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ» فَقُلْتُ: «بَلَى».

فَقَالَ: «احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» (إسناده صحيح).

• لو أنفقت مثل أحُد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر:

قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ» وفي روايةٍ أخرى: «رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» هو كنايةٌ عن تقدُّم كتابة المقادير كلِّها، والفراغ منها من أمدٍ بعيد، فإنَّ الكتابَ إذا فُرِغَ من كتابته، ورفعت الأقلامُ عنه، وطال عهده، فقد رُفعت عنه الأقلام، وجفتِ الأقلام التي كتب بها مِنْ مدادها، وجفت الصَّحيفة التي كتب فيها بالمداد المكتوب به فيها، وهذا من أحسن الكنايات وأبلغِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>