للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨ - الشريعة خيرٌ كلها

إن الشريعة الإسلامية ما شُرِعَتْ إلا لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل، أي في الدنيا والآخرة، ودرء المفاسد والأضرار عنهم في العاجل والآجل أيضًا، حتى إن بعض الفقهاء، قال - وقوله حق -: «إن الشريعة كلها مصالح، إما درء مفاسد أو جلب مصالح».

ودَرْءُ المفسدة لا شك في أنه وجه من وجوه المصلحة؛ لأن المصلحة لها وجه إيجابي وهو جلب نفع لم يكن، ووجه سلبي وهو دفع ضرر أو مفسدة. وجميع الأحكام بلا استثناء مصالح لا يخرج منها أي حكم كان سواء أكان من أحكام الاعتقادات أو العبادات أو غير ذلك.

نعم، قد يجهل البعض تفاصيل المصلحة في حكم من الأحكام، ولكن هذا الجهل ليس بحجة على انتفاء المصلحة، فإن الانسان قد يجهل تفاصيل منفعة دواء ولكن جهله به لا يمنع من تحقيق المصحلة فيه، فإذا كان هذا واقعيًا فيما يضعه إنسان فكيف لا يكون فيما يضعه خالق الانسان؟ هذه واحدة.

والثانية أن المصلحة المقصودة في التشريع الإسلامي لا تقتصر على مصالح الدنيا وإنما تتجاوزها الى مصالح الآخرة أي إلى إعداد الانسان للظفر بالسعادة الدائمة بالجنة.

ونكتفي هنا بذكر بعض الأدلة الجزئية على هذه الحقيقة:

١ - قال تعالى في تعليل رسالة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: ١٠٧)، والرحمة تتضمن قطعًا رعاية مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم، ولا يمكن أن تكون رحمة إذا أغفلت هذه المصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>