للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٧٢ - الفرق بين الخلوة والاختلاط]

مراعاة المنع من الاختلاط في التشريع:

إذا عرضت للمرأة حاجة تسوغ خروجها فلا حرج عليها إن خرجت وفقًا لما سبق بيانه، غير أن تلك الحاجة لاتسوغ اختلاطها بالرجال إلاّ أن تكون ضرورة، وذلك لحرمة الاختلاط وإن من أقوى الأدلة على تحريم الاختلاط، رعاية الشارع للنساء، وصيانته لهن من الاختلاط في سائر أحكام التشريع.

إن العِفَّة حجاب يُمَزِّقه الاختلاط، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، فالمجتمع الإسلامي مجتمع فردي لا زوجي فللرجال مجتمعاتهم، وللنساء مجتمعاتهن، ولا تخرج المرأة إلى مجتمع الرجال إلا لضرورة أو حاجة بضوابط الخروج الشرعية.

كل هذا لحفظ الأعراض والأنساب، وحراسة الفضائل، والبعد عن الرِّيب والرذائل، وعدم إشغال المرأة عن وظائفها الأساس في بيتها، ولذا حُرِّم الاختلاط، سواء في التعليم، أم العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة والخاصة، وغيرها؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب، وخطرات النفس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغَيْرَة.

ولهذا فأهل الإسلام لا عهد لهم باختلاط نسائهم بالرجال الأجانب عنهن، بل إن علماء الحملة الصليبية الفرنسية أشاروا إلى ذلك في كتابهم (وصف مصر) الذي ذكروا فيه أحوال المجتمع المصري في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر فقالوا: «النساء في كل الظروف لا يخرُجْن مطلقًا سافراتِ الوجوه، بل يغطين وجوههن بالبرقع ... ولا يدخل الرجال مطلقًا - فيما عدا بعض الأهل الأقربين - إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>