للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلما تجد واعظًا أو محاورًا أو خطيبًا إلا ويسوق في ثنايا كلامه أحاديث موضوعة أو ضعيفة إلا من رحم الله من طلبة العلم الذين يتحرون فيما ينسبونه إلى رسولهم - صلى الله عليه وآله وسلم -.

وبعض الناس تعجبهم الأحاديث الضعيفة والموضوعة لأسباب منها مثلًا: أنها تلمس عواطفهم، مثال: «من زار قبر والديه كل جمعة فقرأ عندهما يس غفر له بعدد كل آية أو حرف»، الناس يحبون آباءهم ويحبون أمهاتهم، ويُريد الواحدُ منهم أن يفعل شيئًا لأمه وأبيه، فيذهب عندما يسمع هذا الحديث ويطبق ليس إلا من باب العاطفة.

وبعض الأحاديث الموضوعة تستدر الشفقة، إذا سمعت هذا الحديث: «إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن يقول: مَن أبكى هذا اليتيم الذي وارَيْتُ والديه تحت الثرى، مَن أسكتَه فله الجنة»، هذا الحديث المكذوب الموضوع في رحمة اليتيم قد يؤثر في عواطف الناس، فيندفعون بعواطفهم لتقَبُّل هذه الأحاديث، وتلَقّفِها والعمل بها، لأنه شيء عاطفي، شيء يؤثر في النفس، ولكن ما دَرَى أولئك المساكين أن هذا كلامٌ مكذوب على الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأن في سنة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أحاديث مؤثرة تجيش عواطف النفس وتؤثر في القلب، فلماذا لا يعملون بها.

وبعض الوعاظ يظنون أن السبيل إلى تحميس الناس لأمرٍ معين هو أن يذكر لهم حديثًا موضوعًا في فضل هذا الأمر، فيأتي واعظ يرى الناس قد قصروا في زكاة الفطر مثلًا فيذكر لهم هذا الحديث: «شهر رمضان معلقٌ بين السماء والأرض لا يُرْفَعُ إلى الله إلا بزكاة الفطر» لماذا؟! قال: لأن الناس لا يخرجون زكاة الفطر، نريد أن نحمِّس الناس على إخراج زكاة الفطر.

[من الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة]

[١ - عدم تقبل الناس للأحاديث الصحيحة بعد سماعهم للأحاديث الضعيفة]

من الآثار السيئة لهذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة: أن في كثيرٍ منها أجورًا خيالية! من فعل كذا فله ألف حسنة وألف قصر في الجنة، وفي كل قصر ألف خيمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>