عَنْ أَبي يَعْلَى شَدَّاد بنِ أوسٍ - رضي الله عنه -، عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:«إنَّ الله كَتَبَ الإحسّانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذَا قَتَلْتُم فَأَحْسِنُوا القِتْلَة، وإذا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»(رواهُ مُسلم).
قولُه - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّ الله كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شيءٍ» ظاهرُهُ يقتضي أنَّه كتب على كلِّ مخلوق الإحسان، فيكون كُلُّ شيءٍ، أو كُلُّ مخلوق هو المكتوبَ عليه، والمكتوب هو الإحسّانُ.
وقيل: إنَّ المعنى: أنَّ الله كتب الإحسانَ إلى كلِّ شيء، أو في كلّ شيء، أو كتب الإحسانَ في الولاية على كُلِّ شيءٍ، فيكون المكتوبُ عليه غيرَ مذكور، وإنَّما المذكورُ المحسَن إليه.
ولفظ:«الكتابة» يقتضي الوجوب عندَ أكثرِ الفقهاء والأصوليين، وإنَّما يعرف استعمالُ لفظة الكتابة في القرآن فيما هو واجب حتمٌ إمَّا شرعًا، كقوله تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}(النساء:١٠٣)، وقوله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}(البقرة:١٨٣)، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}(البقرة:٢١٦)، أو فيما هو واقع قدرًا لا محالة، كقوله:{كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}(المجادلة:٢١)، وقوله:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(الأنبياء:١٠٥)، وقوله:{أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَان}(المجادلة:٢٢).
وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - في قيام شهر رمضانَ:«إنِّي خشيتُ أنْ يُكْتَبَ عَلَيكُمْ»(رواه البخاري ومسلم).