للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٣ - إنَّ الله كَتَبَ الإحسّانَ على كُلِّ شيءٍ

عَنْ أَبي يَعْلَى شَدَّاد بنِ أوسٍ - رضي الله عنه -، عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «إنَّ الله كَتَبَ الإحسّانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذَا قَتَلْتُم فَأَحْسِنُوا القِتْلَة، وإذا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» (رواهُ مُسلم).

(الذِّبْحَةَ) بكسر الذال والهاء كالقتلةِ، وهي الهيئة، ويروى: «الذَّبْحَ» بفتح الذال بغير هاء.

• معنى الحديث:

قولُه - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّ الله كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شيءٍ» ظاهرُهُ يقتضي أنَّه كتب على كلِّ مخلوق الإحسان، فيكون كُلُّ شيءٍ، أو كُلُّ مخلوق هو المكتوبَ عليه، والمكتوب هو الإحسّانُ.

وقيل: إنَّ المعنى: أنَّ الله كتب الإحسانَ إلى كلِّ شيء، أو في كلّ شيء، أو كتب الإحسانَ في الولاية على كُلِّ شيءٍ، فيكون المكتوبُ عليه غيرَ مذكور، وإنَّما المذكورُ المحسَن إليه.

ولفظ: «الكتابة» يقتضي الوجوب عندَ أكثرِ الفقهاء والأصوليين، وإنَّما يعرف استعمالُ لفظة الكتابة في القرآن فيما هو واجب حتمٌ إمَّا شرعًا، كقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء:١٠٣)، وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (البقرة:١٨٣)، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} (البقرة:٢١٦)، أو فيما هو واقع قدرًا لا محالة، كقوله: {كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} (المجادلة:٢١)، وقوله: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (الأنبياء:١٠٥)، وقوله: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَان} (المجادلة:٢٢).

وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - في قيام شهر رمضانَ: «إنِّي خشيتُ أنْ يُكْتَبَ عَلَيكُمْ» (رواه البخاري ومسلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>