وقد وقع قوم من جهلة العباد والمتنسكة في هذه الخطيئة حيث زعموا أنهم يكذبون لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا عليه، ويكذبون للإصلاح لا للإفساد، ويكذبون حسبة للخير كما فعل نوح بن أبي مريم، وهو الذي وضع الأحاديث في فضائل القرآن سورةً سورةً.
وفي الصحيح غُنْيَة عن الضعيف، ولا يخفى ما في نشر الأحاديث الضعيفة من آثار سيئة على الأمة في عقيدتها وفي سلوكها، فكم من حديث ضعيف أو واه، تناقله الناس محتجين به اعتمادا على إيراد الخطيب له، وكم من عادة تشبث بها الناس كان مستندها حديثًا ضعيفًا.
إن الخطيب إذا لم يكن من أهل العلم فعليه أن يرجع إلى كتب الحديث التي تقتصر على الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري، وصحيح مسلم، أو الرجوع إلى الكتب المعتمدة التي تكون الأحاديث فيها مخرجة تخريجًا علميًا مبينًا فيها درجة الحديث من الصحة والضعف.
ولا يجوز العمل بالحديث الضعيف عند الأئمة المحققين كابن معين والبخاري ومسلم وابن العربي وابن حزم وابن رجب وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وغيرهم كثير وكثير.
• أثر الأحاديث الضعيفة في الابتداع في الدين:
قال الشيخ الألباني - رحمه الله -: «إن تساهل العلماء برواية الأحاديث الضعيفة ساكتين عنها قد كان من أكبر الأسباب القوية التي حملت الناس على الابتداع في الدين، فإن كثيرًا من العبادات، التي عليها الناس اليوم، إنما أصلها اعتمادهم على الأحاديث الواهية، بل والموضوعة، كمثل التوسعة يوم عاشوراء، وإحياء ليلة النصف من شعبان، وصوم نهارها وغيرها وهي كثيرة جدًا»(١).
ذكر الإمام الشاطبي - رحمه الله - أن من طرق المبتدعة في الاستدلال: اعتمادهم على الأحاديث الواهية الضعيفة، والمكذوب فيها على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم قال: