٢ - قال تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(البقرة: ١٧٩ (، فالقصاص شُرِعَ لتحقيق هذه المصلحة - وهي الحياة للناس، أي الأمن والاستقرار والاطمئنان وحقن الدماء - بزَجْر مَن تُسَوّلُ له نفسه الاعتداء على أرواح الناس.
يذم تعالى هذه الأشياء القبيحة، ويخبر أنها من عمل الشيطان، وأنها رجس.
{فَاجْتَنِبُوهُ} أي: اتركوه {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فإن الفلاح لا يتم إلا بترك ما حرم الله، خصوصًا هذه الفواحش المذكورة، وهي الخمر وهي: كل ما خامر العقل أي: غطاه بسُكْره، والميسر، وهو: جميع المغالبات التي فيها عِوَضٌ من الجانبين، كالمراهنة ونحوها، والأنصاب التي هي: الأصنام والأنداد ونحوها، مما يُنصب ويُعبد من دون الله، والأزلام التي يستقسمون بها، فهذه الأربعة نهى الله عنها وزجر، وأخبر عن مفاسدها الداعية إلى تركها واجتنابها. فمنها: أنها رجس، أي: خبث، نجس معنًى، وإن لم تكن نجسةً حسًّا. والأمور الخبيثة مما ينبغي اجتنابها وعدم التدنس بأوضارها.
ومنها: أنها من عمل الشيطان، الذي هو أعدى الأعداء للإنسان.
ومن المعلوم أن العدو يحذر منه، وتحذر مصايده وأعماله، خصوصًا الأعمال التي يعملها ليُوقِعَ فيها عدوه، فإنها فيها هلاكه، فالحزم كل الحزم البعد عن عمل العدو المبين، والحذر منها، والخوف من الوقوع فيها.
ومنها: أنه لا يمكن الفلاح للعبد إلا باجتنابها، فإن الفلاح هو: الفوز بالمطلوب المحبوب، والنجاة من المرهوب، وهذه الأمور مانعة من الفلاح ومُعَوّقَةٌ له.