الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يطلبان منه أن يُولِّيهما على الصَّدقةِ ليُصيبَا مِن المال ما يتزوَّجان به، فقال لهما: “ إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ “، ثمَّ أمر بتزويجهما وإصداقهما من الخُمْس.
وقد ألْحَق بعضُ أهل العلم - منهم الشافعي وأحمد - بنِي المطلب بن عبد مَناف ببَنِي هاشم في تحريم الصَّدقة عليهم؛ لمشاركتِهم إيَّاهم في إعطائهم من خمس الخُمس؛ وذلك للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن جُبير بن مُطعِم، الذي فيه أنَّ إعطاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لبَنِي هاشم وبنِي المطلب دون إخوانِهم من بنِي عبد شمس ونوفل؛ لكون بنِي هاشم وبَنِي المطلب شيئًا واحدًا.
فأمَّا دخول أزواجه - رضي الله عنهن - في آلِه - صلى الله عليه وآله وسلم -، فيدلُّ لذلك قول الله - عز وجل -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (٣٤)} (الأحزاب: ٣٣ - ٣٤).فإنَّ هذه الآيةَ تدلُّ على دخولِهنَّ حتمًا؛ لأنَّ سياقَ الآيات قبلها وبعدها خطابٌ لهنَّ.
حديث الكساء:
ولا يُنافي ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن أم المؤمنين عَائِشَةُ - رضي الله عنها - قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(١).
(١) الأحزاب: ٣٣، والمرط: كساء، وجمعه: مروط، والمرحَّل: الموشى المنقوش عليه صور رحال الإبل.