للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - تأكيد مناصحة غير الصالح منهم والشفقة عليه والرحمة به، ودعوته إلى نهج آل البيت الطيبين الطاهرين. ويشترط لهذه الحقوق صحة ثبوت انتسابه لرسول الله في النسب، وصحة انتسابه له في الدين.

تحريم الانتساب بغير حق إلى أهل البيت:

أشرفُ الأنساب نسَبُ نبيِّنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأشرف انتسابٍ ما كان إليه - صلى الله عليه وآله وسلم - وإلى أهل بيتِه إذا كان الانتسابُ صحيحًا، وقد كثُرَ في العرب والعجم الانتماءُ إلى هذا النَّسب، فمَن كان من أهل هذا البيت وهو مؤمنٌ، فقد جمَع الله - عز وجل - له بين شرف الإيمان وشرف النَّسب، ومَن ادَّعى هذا النَّسبَ الشريف وهو ليس من أهله فقد ارتكب أمرًا محرَّمًا، وهو متشبِّعٌ بِما لَم يُعط، وقد قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: “ الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» (رواه مسلم).

(الْمُتَشَبِّعُ) أَي المتزين بِمَا لَيْسَ عِنْده يتكثر بذلك، قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ الْمُتَكَثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ بِأَنْ يُظْهِرَ أَنَّ عِنْدَهُ ما ليس عِنْدَهُ يَتَكَثَّرُ بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ وَيَتَزَيَّنُ بِالْبَاطِلِ فهومَذْمُومٌ كَمَا يُذَمُّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْ زُورٍ، وقيل: هُوَ الَّذِي يَلْبَسُ ثِيَابَ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَرَعِ وَمَقْصُودُهُ أَنْ يُظْهِرَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَيُظْهِرَ مِنَ التَّخَشُّعِ وَالزُّهْدِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي قَلْبِهِ فَهَذِهِ ثياب زُورٍ وَرِيَاءٍ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ وَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا لَهُ.

وقد جاء في الأحاديث الصحيحة تحريمُ انتساب المرء إلى غير نسبِه، قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ - وَهُوَ يَعْلَمُهُ - إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا ليْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (رواه البخاري ومسلم).

وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: “ إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللهٍِ - صلى الله عليه وآله وسلم - مَا لَمْ يَقُلْ» (رواه البخاري).

وَالْفِرَى: جمع فِرْيَة، والْفِرْيَةُ: الْكِذْبَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي يُتَعَجَّبُ مِنْهَا. (أَنْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ)، أي: في المنام. ومَعْنَى نِسْبَةِ الرُّؤْيَا إِلَى عَيْنَيْهِ مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا شَيْئًا أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهُمَا بِالرُّؤْيَةِ وَهُوَ كَاذِبٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>