قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟
قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ». (حسن صحيح رواه والترمذي)
قول أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه -: «أكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟» معناه: إني مَعْنَاهُ أُكْثِرُ الدُّعَاءَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ دُعَائِي صَلَاةً عَلَيْك.
(قُلْتُ أَجْعَلُ لَك صَلَاتِي كُلَّهَا) أَيْ أَصْرِفُ بِصَلَاتِي عَلَيْك جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي كُنْت أَدْعُو فِيهِ لِنَفْسِي.
(قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّك) الْهَمُّ مَا يَقْصِدُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَعْنِي إِذَا صَرَفْت جَمِيعَ أَزْمَانِ دُعَائِك فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ أُعْطِيتَ مَرَامَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في (جلاء الأفهام): «وسُئِل شيخنا أبو العباس (ابن تيمية)، عن تفسير هذا الحديث فقال: كان لأبَيِّ ابْنِ كَعْبٍ دعاءٌ يدعو به لنفسه، فسأل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:هل يجعل له منه ربعه صلاةً عليه - صلى الله عليه وآله وسلم -؟
فقال: إن زِدتَ فهو خير لك. فقال له: النصف؟ فقال: إن زدت فهو خير، إلى أن قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»؛ لأن من صلى على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلاةً صلى الله عليه بها عشرًا، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه، هذا معنى كلامه - رضي الله عنه -».اهـ.
وفي رواية للإمام أحمد (إسنادها جيد) عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ؟
قَالَ: «إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ».
٨ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سبب لنَيْل شفاعته - صلى الله عليه وآله وسلم -: فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ أوْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَقَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه الجهضمي في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وصححه الألباني).
٩ - يُرجَى إجابة الدعاء إذا قدَّم الداعي الصلاةَ على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمامه: قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كُلّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -». (حسنه الألباني في صحيح الجامع).
قال المناوي: (كلُّ دعاءٌ محجوبٌ) أي محجوب عن القبول (حتى يُصَلَّي) أي حتى يُصَلِّي الداعي (على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -) يعني أنه لا يرفع إلى الله حتى يستصحب الرافع معه الصلاة عليه؛ إذ هي الوسيلة إلى الإجابة».
١٠ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سبب لطِيبِ المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة. وتنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله ويحمد ويثنى عليه فيه، ويصلى على رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
١١ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويخرج بها العبد عن الجفاء.
١٢ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ترمي صاحبها على طريق الجنة، وتخطئ بتاركها عن طريقها.
١٣ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سبب لإبقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض: لأن المصَلِّي طالبٌ من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل، فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.
١٤ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره، وأسباب مصالحه: لأن المصلي داعٍ ربه أن يبارك علي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنسه.
١٥ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سبب لنَيْل رحمة الله - عز وجل - للمصلي؛ لأن الرحمة ـ كما قال ابن القيم - رحمه الله - ـ إما بمعنى الصلاة كما قاله طائفة، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح، فلا بد للمصلي عليه من رحمة تناله.
١٦ - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سبب لدوام محبته للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وزيادتها وتضاعفها: وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأن العبد كلما أكثر من ذكر