للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - نَوْمَهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: “ إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا “ (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

والجواب عن ذلك أن يقال:

١ - أن مراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حديثه في حق مَن فَعَل الأسباب مِن وَضْع منبه ونومٍ مبكر، ولكن غلبت عليه عينه فنام، فهنا نقول لا حرج وصَلّها إذا ذكَرْتَها كما حصل للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في إحدى غزواته، فعن أَبِي قَتَادَةَ سدد خطاكم قَالَ: «سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَيْلَةً فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: «لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟»، قَالَ: «أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ»، قَالَ بِلَالٌ: «أَنَا أُوقِظُكُمْ فَاضْطَجَعُوا»، وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ: «يَا بِلَالُ، أَيْنَ مَا قُلْتَ؟»، قَالَ: «مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ»، قَالَ: «إِنَّ اللهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلَالُ، قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ»، فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى» (رواه البخاري).

(لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ) التَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِ لِغَيْرِ إِقَامَةٍ، وَأَصْلُهُ نُزُولٌ آخِرَ اللَّيْلِ، وَجَوَابُ (لَوْ) مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَكَانَ أَسْهَلَ عَلَيْنَا.

(فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ».

(يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ) أَيْ أَيْنَ الْوَفَاءُ بِقَوْلِكَ أَنَا أُوقِظُكُمْ.

(قَالَ مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ) مِثْلُهَا أَيْ مِثْلُ النَّوْمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ.

(إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ) هُوَ كَقَوْلِه تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} (الزمر:٤٢)، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبْضِ الرُّوحِ الْمَوْتُ فَالْمَوْتُ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِ الرُّوحِ بِالْبَدَنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالنَّوْمُ انْقِطَاعُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَقَطْ. (وَابْيَاضَّتْ) أَيْ صَفَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>