(فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللهٍ بْنُ زَيْدٍ) مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - (وَهُوَ) أَيْ عَبْدُ اللهٍ (مُهْتَمٌّ) مِنَ الِاهْتِمَامِ أَيْ فِي مُقَدِّمَةِ الْأَذَانِ (لِهَمِّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -) فِي ذَلِكَ، (فَأُرِيَ) أَيْ عَبْدُ اللهِ (الْأَذَانَ فِي مَنَامِهِ).
قَالَ الرَّاوِي (فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -) أَيْ ذَهَبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ فِي وَقْتِ الْغَدَاةِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، (قَدْ رَآهُ) أَيِ الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ. (فَقَالَ لَهُ) أَيْ لِعُمَرَ بْنِ الخطاب.
ومن الهموم همّ الصادق بتكذيبه:
كما وقع للصحابي الجليل زيد بن الأرقم سدد خطاكم لما سمع رأس المنافقين عبد الله ابن أبَيّ ابن سلول يقول لأَصْحَابِهِ:«لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ»، (يعني بالأعَزّ نفسه، ويقصد بالأذَلّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ومن معه)، قَالَ زَيْدٌ:«فَأَخْبَرْتُ عَمِّي فَانْطَلَقَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -، فَحَلَفَ وَجَحَدَ، فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَكَذَّبَنِي، فَجَاءَ عَمِّي إِلَيَّ، فَقَالَ: «مَا أَرَدْتَ إِلا أَنْ مَقَتَكَ رَسُولُ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَكَذَّبَكَ وَالْمُسْلِمُونَ»، فَوَقَعَ عَلَيَّ مِنَ الْهَمِّ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَى أَحَدٍ.
فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي سَفَرٍ قَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنَ الْهَمِّ إِذْ أَتَانِي رَسُولُ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَعَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَمَا كَانَ يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الْخُلْدَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَحِقَنِي، فَقَالَ:«مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -»، قُلْتُ:«مَا قَالَ لِي شَيْئًا إِلّا أَنَّهُ عَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي»، فَقَالَ:«أَبْشِرْ»، ثُمَّ لَحِقَنِي عُمَرُ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ قَوْلِي لأَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُولُ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ». (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
(فَأَخْبَرْتُ عَمِّي) أَيْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بن أبَيّ ابن سلول (فَانْطَلَقَ) أَيْ عَمِّي (فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بن أبَيّ ابن سلول، (قَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنَ الْهَمِّ) يُقَالُ خَفَقَ الرَّجُلُ إِذَا حَرَّكَ رَأْسَهُ وَهُوَ نَاعِسٌ، وَالْمَعْنَى نَكَسْتُ مِنْ شِدَّةِ الْهَمِّ لَا مِنَ النُّعَاسِ، (فَعَرَكَ أُذُنِي) أَيْ دَلَّكَهَا، (أَنَّ لِي بِهَا) أَيْ بِضَحِكَةِ رَسُولِ اللِه - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي وَجْهِي.