للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ) السَّلْسَبِيلُ اللَّبَنُ الَّذِي لَا خُشُونَةَ فِيهِ، وَالْخَمْرُ، وَعَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ اللهُ قال تعالى: { ... وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} (الإنسان: ١٧ - ١٨). (تُرِيدُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ) أَيْ تُرِيدُ عَائِشَةُ بِقَوْلِهَا أَبَاك عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ (وَقَدْ كَانَ وَصَلَ) مِنْ الصِّلَةِ، أَيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَصَلَ (أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -) (بِمَالٍ بِيعَتْ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا) وَكَانَ اِبْنُ عَوْفٍ تَصَدَّقَ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِحَدِيقَةٍ بِيعَتْ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا.

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللهٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ: «إِنَّ الَّذِي يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي هُوَ الصَّادِقُ الْبَارُّ»، اللَّهُمَّ اِسْقِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّة» (رواه الإمام أحمد في المسند، وحسنه الأرنؤوط). «اللَّهُمَّ اِسْقِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّة» هذا الدعاء من كلام أمِّ سلمة - رضي الله عنها -.

ومنها الهمّ بسبب الدَّيْن:

ومن أمثلة ذلك ما وقع للزبير بن العوام سدد خطاكم كما روى قصته ولده عَبْدُ اللهٍ بْنُ الزُّبَيْرِ سدد خطاكم فعن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: «يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّي لا أُرَانِي إِلا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟»، فَقَالَ: «يَا بُنَيِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِي»، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ - يَعْنِي بَنِي عَبْدِ اللهٍ بْنِ الزُّبَيْرِ - يَقُولُ ثُلُثُ الثُّلُثِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ»، قَالَ هِشَامٌ: «وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللهٍ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ - خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ - وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ».

قَالَ عَبْدُ اللهٍ: «فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ، وَيَقُولُ: «يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلايَ»، قَالَ: «فَوَاللهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: «يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلاكَ؟»، قَالَ: «اللهُ»، قَالَ: «فَوَاللهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلاّ قُلْتُ: «يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ» فَيَقْضِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>