للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحِسِّيَّةِ، فإنَّ أَمْرَهُمَا كَانَ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ وَلَمْ يَنْزِلْ بِالْمُسْلِمِينَ قَبْلَهُ مِثْلُهُ، وَفِي طَيَرَانِهِمَا إِشَارَةٌ إِلَى اضْمِحْلَالِ أَمْرِهِمَا.

(فَأَوَّلْتُهُمَا كَاذِبَيْنِ) إِنَّمَا أَوَّلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - السِّوَارَيْنِ بِالْكَذَّابَيْنِ لِأَنَّ الْكَذِبَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَلَمَّا رَأَى فِي ذِرَاعَيْهِ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَلَيْسَا مِنْ لُبْسِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حِلْيَةِ النِّسَاءِ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ مَنْ يَدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ، وَأَيْضًا فَفِي كَوْنِهِمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالذَّهَبُ مَنْهِيٌّ عَنْ لُبْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى الْكَذِبِ، وَأَيْضًا فَالذَّهَبُ مُشْتَقٌّ مِنَ الذَّهَابِ فَعُلِمَ أَنَّهُ شَيْءٌ يَذْهَبُ عَنْهُ، وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي نَفْخِهِمَا فَطَارَا، فَعَرَفَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا أَمْرٌ، وَأَنَّ كَلَامَهُ بِالْوَحْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ يُزِيلُهُمَا عَنْ مَوْضِعِهِمَا، وَالنَّفْخُ يَدُلُّ عَلَى الْكَلَامِ.

وفي الشريعة علاجات للهمّ الحاصل بسبب المنامات والأحلام المقلقة، ومنها التفل عن الشمال ثلاثًا، والاستعاذة بالله من الشيطان ثلاثًا، والاستعاذة بالله من شرّ ما رأى ثلاثًا، وأن يغَيّر الجنب الذي كان نائمًا عليه، أو يقوم يصلي، ولا يحدّث برؤياه تلك أحدًا من الناس. قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ» (رواه البخاري ومسلم). النفث: نفخٌ لطيفٌ لا رِيقَ معه.

وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِالله مِنْهُ، فَلَنْ يَضُرَّهُ» (رواه البخاري ومسلم). وعَنْ جَابِرٍ سدد خطاكمعَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» (رواه مسلم). وقال رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ، فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ» (رواه مسلم). وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ» (رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه الألباني).

<<  <  ج: ص:  >  >>