ولما أمر الله - سبحانه وتعالى - بتعظيم رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والصلاة والسلام عليه، نهى عن أذيته، وتوعد عليها فقال:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، وهذا يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تَنَقّصٍ له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى. {لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} أي: أبعدهم وطردهم، ومِن لَعْنِهِم في الدنيا أنه يحتِّم قتل من شتم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وآذاه.
{وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} جزاءً له على أذاه، أن يؤذَى بالعذاب الأليم، فأذِيَّةُ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ليست كأذِيَّةِ غيره، لأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يؤمن العبد بالله حتى يؤمن برسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وله من التعظيم، الذي هو من لوازم الإيمان، ما يقتضي ذلك، أن لا يكون مثل غيره، وإن كانت أذية المؤمنين عظيمة، وإثمها عظيمًا، ولهذا قال فيها:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} أي: بغير جناية منهم موجبة للأذى {فَقَدِ احْتَمَلُوا} على ظهورهم {بُهْتَانًا} حيث آذوهم بغير سبب {وَإِثْمًا مُبِينًا} حيث تَعَدَّوْا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر اللهِ باحترامها.
في هذه الآيات أمر الله - سبحانه وتعالى - رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن لا يبالي بالمشركين ولا بغيرهم وأن يصدع بما أمَرَ الله ويعلن بذلك لكل أحد ولا يعوقنه عن أمره عائق ولا تصده أقوال