فهذا الملعونُ الذي افترى على النبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه ما كان يدري إلا ما كتب له، قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دُفن مرارًا، وهذا أمرٌ خارجٌ عن العادة، يدلُ كلّ أحدٍ على أن هذا عقوبةً لما قالهُ، وأنه كان كاذبًا، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجُرمَ أعظمُ من مجرد الارتداد، إذ كان عامةُ المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا، وأن اللهَ منتقمٌ لرسولهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - ممن طعن عليه وسَبّهُ، ومُظْهِرٌ لدينه، ولكذب الكاذب إذا لم يمكن للناس أن يقيموا عليه الحد.
٤ - عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ» قال الزُّهْرِيُّ: «فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. (رواه البخاري).
وفي رواية أن عبد الله بن حذافة السهمي قال:«فدفَعْتُ إليه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فَقُرِئَ عليه، ثم أخذه فمزقه، فلما بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «اللهم مَزِّقْ مُلْكَهُ». وكتب كسرى إلى باذان - عامِلَه في اليمن - أنِ ابعثْ من عندك رجلين جَلْدَيْن إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فلْيَأتِيَاني بخبره، فبعث باذان قهرمان ورجلًا آخر وكتب معهما كتابًا، فقدما المدينة، فدفعا كتاب باذان إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ودعاهما إلى الإسلام - وفرائصهما ترعد -، وقال:«ارجِعَا عَنّي يومَكُما هذا حتى تأتياني الغد فأخْبِركما بما أريد»، فجاءاه من الغد فقال لهما: «أبْلِغَا صَاحِبَكُما أنَّ