قالوا:«كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يومًا أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفتَح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة»، قالوا:«حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوا فيه». (الصارم المسلول على شاتم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ص١١٦ - ١١٧).
وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: «لما نزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)} (المسد: ١) أقبلت العوراء أمُّ جميل بنت حرب ولها وَلْوَلَة وفي يدها فهر وهي تقول: «مذممًا أبَيْنَا، ودِينَهُ قَلَيْنَا، وأمْرَه عصَيْنَا»، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جالس في المسجد ومعه أبو بكر فلما رآها أبو بكر قال:«يا رسولَ الله، قد أقبلَتْ، وأنا أخافُ أن تَرَاكَ».
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّهَا لَنْ تَرَانِي»، وقرأ قرآنًا فاعتصم به كما قال، وقرأ:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا}(الإسراء: ٤٥). فوقفَتْ على أبي بكر ولم تَرَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت:«يا أبا بكر إني أخْبِرْتُ أن صاحبَك هَجَاني»، فقال:«لا، ورَبّ هذا البيت، ما هجاكِ»، فوَلَّتْ وهي تقول: