للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: «كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يومًا أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفتَح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة»، قالوا: «حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوا فيه». (الصارم المسلول على شاتم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ص١١٦ - ١١٧).

يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سدد خطاكم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَلَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؛ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ». (رواه البخاري).

كَانَ الْكُفَّارُ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ شِدَّةِ كَرَاهَتِهِمْ للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَا يُسَمُّونَهُ بِاسْمِهِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْحِ فَيَعْدِلُونَ إِلَى ضِدِّهِ فَيَقُولُونَ: «مُذَمَّمٌ»، وَإِذَا ذَكَرُوهُ بِسُوءٍ قَالُوا: «فَعَلَ اللهُ بِمُذَمَّمٍ»، وَمُذَمَّمٌ لَيْسَ هُوَ اسْمُهُ، وَلَا يُعْرَفُ بِهِ؛ فَكَانَ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَصْرُوفًا إِلَى غَيْرِهِ.

وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: «لما نزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)} (المسد: ١) أقبلت العوراء أمُّ جميل بنت حرب ولها وَلْوَلَة وفي يدها فهر وهي تقول: «مذممًا أبَيْنَا، ودِينَهُ قَلَيْنَا، وأمْرَه عصَيْنَا»، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جالس في المسجد ومعه أبو بكر فلما رآها أبو بكر قال: «يا رسولَ الله، قد أقبلَتْ، وأنا أخافُ أن تَرَاكَ».

فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّهَا لَنْ تَرَانِي»، وقرأ قرآنًا فاعتصم به كما قال، وقرأ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} (الإسراء: ٤٥). فوقفَتْ على أبي بكر ولم تَرَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت: «يا أبا بكر إني أخْبِرْتُ أن صاحبَك هَجَاني»، فقال: «لا، ورَبّ هذا البيت، ما هجاكِ»، فوَلَّتْ وهي تقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>