للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فماذا بقي لرب العباد - سبحانه وتعالى -؛ إن هذا ليس شركًا في الألوهية بل هو شرك في الربوبية وهو أعظم من شرك كفار قريش - والعياذ بالله -؛ لأن كفار قريش كانوا يعتقدون أن المتصرف في الكون هو الله - عز وجل - لا أصنامُهم، وهؤلاء يزعمون أن المتصرف في الكون الذي بيده الدنيا والآخرة هو النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.

وانظر إلى قوله: «يا أكرمَ الخلقِ مَا لي مَن ألوذُ بِه» فهو يعتبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو الملاذ وهو الذي يستغاث به ويدعوه عند الملمات، وهذا هو عين شرك كفار قريش الذين كانوا يعبدون الأوثان، فهل هم أحسن حالًا منه؟! فهم عند الشدائد يخلصون الدعاء والعبادة، والبوصيري عند الشدائد والملمات يدعو غير الله.

والموالد لا يمكن أن تقوم بغير أبيات البردة فهي الشعيرة والركيزة الأساسية في هذه الموالد البدعية، ولو لم يكن فيها إلا هذه المفسدة لكفى بها مبررًا لتحريمها والتحذير منها.

وإن زعم شخص أنه سوف يخليه مما تقدم قلنا له المولد بحد ذاته هو مظهر من مظاهر الغلو المذموم فضلًا عما يحتويه من طوام عظيمة وبدعة في الدين محدثة لم يشرعها ولم يأذن بها الله.

الوجه الثالث عشر:

أن الفرح بهذا اليوم والنفقه فيه وإظهار الفرح والسرور فيه قَدْحٌ في محبة العبد لنبيه الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ إذ هذا اليوم - بالإجماع - هو اليوم الذي توفي فيه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فكيف يفرح فيه؟ وأما يوم مولده فمختلف فيه، فكيف تكون عبادة عظيمة تقرب إلى الله واليوم الذي يحتفل فيه غير مجزوم به.

وقد قال ابن الحاج في كلامه على عمل المولد: «العجب العجيب كيف يعملون المولد بالمغاني والفرح والسرور لأجل مولده - صلى الله عليه وآله وسلم -، في هذا الشهر الكريم وهو - صلى الله عليه وآله وسلم - فيه انتقل إلى كرامة ربه - عز وجل - وفجعت الأمة وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>