للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الشرك والضلال والانحراف الذي وقع في الجاهلية الأولى، ومن بعدهم إنما وقع نتيجة الابتداع في دين الله تعالى.

كانت العرب على دين التوحيد منذ أن بنَََى إبراهيم الخليل وإسماعيل سدد خطاكم البيت الحرام، حتى ظهر رجل يقال له: عمرو بن لُحَيّ الخُزاعي، هذا الرجل ذهب في رحلة إلى الشام، فوجد أُمّةً متحضرة ليست مثل العرب تسكن الخيام وترعى الغنم والإبل، وجد هناك حضارة، وأنظمةً، وملكًا، وأبهةً، فغَرَّتْه تلك المظاهر، ثم تأمل في دينهم فوجدهم يعبدون الأصنام، إذ أنهم يصورون الصور، ويضعونها في الكنائس كصورة عيسى - عليه السلام -، وصورة مريم العذراء، وغيرها من الأنصاب والتماثيل، ثم يعبدونها من دون الله، فاستحسن هذا الأمر، لأنه صادر عن أمة متحضرة وليست كالعرب.

فأخذ هذه الصور وجاء بها إلى مكة ووضعها العرب بالكعبة فكان هذا الرجل أول من غير ملة إبراهيم - عليه السلام - من التوحيد إلى الشرك.

بل جاءت رسالة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - تصحيحًا للشرك الذي وقع فيه العرب بعد أن كانوا على ملة التوحيد، فمن جاء ليصرفنا عن ملة التوحيد، التي وحّدنا الله تبارك وتعالى بها بعد الفرقة، وجمعنا بها بعد الشتات، وأنار بها قلوبنا بعد الظلمة، فلا طاعة له، لأن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس إمامه وقدوته، وإنما إمامه وقدوته عمرو بن لحي.

• التوحيد التوحيد! والسنة السنة! من تمسك بهما نجا:

سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هي سفينة نوح، من تمسك بها نجا، ومن حاد عنها غرق وهلك، وإن زعم أنه سيأوي إلى جبل يعصمه من الماء، لا عاصم أبدًا من عذاب الله، إلا باتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا طريق إلى الله إلا باتباع سنة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (آل عمران: ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>