الألباني)، دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل، بل بمجرد ترْك تغيير ما خُلِق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية، الاتفاقية، وبهذا احتج غير واحد من العلماء على كراهة أشياء من زيّ غير المسلمين.
وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أن أمته ستتبع سنن الأمم قبلها، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ:«لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا:«يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟». قَالَ «فَمَنْ»(رواه البخاري ومسلم).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِى بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ»، فَقِيلَ:«يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟». فَقَالَ:«وَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ؟»(رواه البخاري).
فأخبر - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى، وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم، وهم الأعاجم.
وقد كان - صلى الله عليه وآله وسلم - ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، وليس هذا إخبارًا عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال:«لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ»(رواه البخاري ومسلم).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ:«إِنَّ اللهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّتِى - أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - عَلَى ضَلاَلَةٍ»(رواه الترمذي وصححه الألباني).
وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لاَ يَزَالُ اللهُ يَغْرِسُ فِى هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِى طَاعَتِهِ»(رواه ابن ماجه وحسنه الألباني).
فعُلِم بخبره الصِّدق أنه في أمته - صلى الله عليه وآله وسلم - قومٌ مستمسكون بهَدْيه، الذي هو دين الإسلام محضًا، وقوم منحرفون إلى شُعبة من شُعَب اليهود، أو إلى شعبة من شعب