اتفاقيًا، ليس مأخوذًا عنهم لَكَانَ المشروع لنا مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة، فمن وافقهم فوّت على نفسه هذه المصلحة، وإن لم يكن قد أتى بمفسده، فكيف إذا جمعهما؟
وأما الطريق الثاني - الخاص - في نفس أعياد الكفار:
فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ:«كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ قَالَ: «كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى»(رواه النسائي وصححه الألباني).
فوجه الدلالة:
أن العيدين الجاهليين لم يقرُّهما رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال:«وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى»، والإبدال من الشيء، يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا فيما ترك اجتماعهما.
حريم العيد:
العيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك.
وكذلك حريم العيد: وهو ما قبله وما بعده من الأيام التي يُحْدثون فيها أشياء لأجله، أو ما حوله من الأمكنة التي يحدث فيها أشياء لأجله، أو ما يحدث بسبب أعماله من الأعمال حكمها حكمه فلا يفعل شيء من ذلك، فإن بعض الناس قد يمتنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس والميلاد ويقول لعياله: إنما أصنع لكم هذا في الأسبوع، أو الشهر الآخر، وإنما المحرك على إحداث ذلك وجود عيدهم، ولولا هو لم يقتضوا ذلك.