قال - عز وجل -: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}(المائدة:٥٤).
هذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار، رحيمًا برًا بالأخيار، عبوسًا فى وجه الكافر، ضحوكًا بشوشًا فى وجه أخيه المؤمن، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً}(التوبة:١٢٣).
ثم قال تعالى مادحًا لهم:{تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا}(الفتح:٢٠).وصفهم بكثرة العمل وكثرة الصلاة وهى خير الأعمال، ووصفهم بالإخلاص فيها لله - عز وجل - والاحتساب عند الله تعالى جزيل الثواب، ورضاه تعالى عنهم، وهو أكبر من الأول كما قال تعالى:{وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ}(التوبة:٧٢).
ثم قال - عز وجل -: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} قال على بن أبى طلحة: يعنى السمت الحسن.
وعن زائدة عن منصور عن مجاهد:{سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} قال: الخشوع. قلت: ما كنت أراه إلا هذا الأثر فى الوجه فقال: ربما كان بين عينَىْ من هو أقسى قلبًا من فرعون.
الصحابة - رضي الله عنهم - خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه فى سمتهم وهديهم. قال مالك - رضي الله عنه -:بلغنى أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة - رضي الله عنهم - الذين فتحوا الشام يقولون:«والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا».وصدقوا فى ذلك فإن هذه الأمة معظمة فى الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم فى الكتب المنزلة والأخبار المتداولة، ولهذا قال سبحانه وتعالى ههنا:{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}(الفتح:٢٩).