الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحشر:٨ - ١٠).
{أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}:أي في إيمانهم حيث تركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا ينصرون الله ورسوله.
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}:أي والأنصار الذين نزلوا المدينة ألِفُوا الإيمان بعدما اختاروه على الكفر.
{مِن قَبْلِهِمْ}:أي من قبل المهاجرين.
{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً}:أي حسدًا ولا غيظًا.
{مِّمَّا أوتُوا}:أي مما أوتِىَ أخوانُهم المهاجرون من فَيْءِ بنى النضير.
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ}:أي في كل شيء حتى إن الرجل منهم تكون تحته المرأتان فيعرض أن يطلق أحداهما ليزوجها مهاجرًا. ...
{وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}:أي حاجة شديدة وخلَّة كبيرة لا يجدون ما يسدونها به.
{وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}:أي ومن يَقِه الله تعالى حرص نفسه على المال والبخل به.
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ} أي من بعد المهاجرين والأنصار من التابعين الى يومنا هذا فما بعد. فيدخل تحت هذه الآية جميع الأمة الإسلامية الذين جاءوا بعد الصحابة من التابعين إلى قيام الساعة قطعًا بشرط استغفارهم للمهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم -.
{يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}
قال الإمام القرطبى: «هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظًا فى الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم، وأن مَن سبَّهم أو واحدًا منهم أو اعتقد فيه شرًا إنه لا حق له في الفيء، رُوى ذلك عن مالك وغيره،