وقال ميمونُ بنُ مِهران: «المُتَّقي أشدُّ محاسبةً لنفسه من الشريكِ الشحيحِ لِشريكه.
وقال ابن مسعود في قوله تعالى:{اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}(آل عمران:١٠٢)، قال:«أنْ يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا ينسى، وأن يُشكر فلا يُكفر».
وشكرُه يدخلُ فيه جميعُ فعل الطاعات. ومعنى ذكره فلا ينسى: ذكر العبد بقلبه لأوامر الله في حركاته وسكناته وكلماته فيمتثلها، ولنواهيه في ذلك كله فيجتنبها.
• قد يغلِبُ استعمالُ التقوى على اجتناب المحرَّمات:
كما قال أبو هريرةَ ـ وقد سُئِلَ عن التقوى ـ فقال: هل أخذتَ طريقًا ذا شوكٍ؟ قالَ: نعم، قالَ: فكيف صنعتَ؟ قال: إذا رأيت الشوكَ عدلْتُ عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه، قال: ذاك التقوى.
وأخذ هذا المعنى ابنُ المعتز فقال:
خلِّ الذنوب صغيرَها ... وكبيرَها فهو التُقَى
واصنع كماشٍ فوقَ أرضِ ... الشوك يحذرُ ما يرَى
لا تحقِرَنَّ صغيرةً ... إن الجبالَ مِن الحصَى
وأصلُ التقوى: أنْ يعلم العبدُ ما يُتَّقى ثم يتقي، قال عونُ بنُ عبد الله: تمامُ التقوى أنْ تبتغي علمَ ما لم يُعلم منها إلى ما عُلِمَ منها.
وذكر معروفٌ الكرخيُّ عن بكر بن خُنيسٍ، قال: كيف يكون متقيًا من لا يدري ما يَتَّقي؟ ثُمَّ قالَ معروفٌ: إذا كنتَ لا تُحسنُ تتقي أكلتَ الربا، وإذا كنتَ لا تُحسنُ تتقي لقيتكَ امرأةٌ فلم تَغُضَّ بصرك، وإذا كنت لا تُحسن تتقي وضعتَ سيفك على عاتقك، وقد قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لمحمد بن مسلمة:«إذا رأيْتَ أُمَّتِي قَدْ اخْتَلَفَتْ، فَاعْمِدْ إلى سَيْفِكَ فاضْرِبْ بِهِ أُحُدًا»(حسن رواه أحمد وابن ماجه).