للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الجملة، فالله - عز وجل - يحفظُ المؤمن الحافظ لحدود دينَه، ويحولُ بينَه وبين ما يُفسد عليه دينَه بأنواعٍ مِنَ الحفظ، وقد لا يشعرُ العبدُ ببعضها، وقد يكونُ كارهًا له، كما قال في حقِّ يوسُف - عليه السلام -: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (يوسف:٢٤).

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (الأنفال:٢٤)، قال: يحول بين المؤمن وبين المعصية التي تجره إلى النار.

وقال الحسن ـ عن أهل المعاصي ـ: «هانوا عليه، فعَصَوْه، ولو عزُّوا عليه لعصمهم».

وقال أبو سليمان الداراني: «هانوا عليه فتركهم وعصوا، ولو كرموا عليه منعهم عنها».

• احفظ الله تجده تجاهك:

قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «احْفَظْ اللهَ تَجِدْهُ تجَاهَكَ»، وفي رواية: «أمامك» معناه: أنَّ مَنْ حَفِظَ حُدودَ الله، وراعى حقوقه، وجد الله معه في كُلِّ أحواله حيث توجَّه يَحُوطُهُ وينصرهُ ويحفَظه ويوفِّقُه ويُسدده فـ {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (النحل:١٢٨)

قال قتادة: «من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه، فمعه الفئة التي لا تُغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل».

كتبَ بعضُ السَّلف إلى أخٍ له: «أمَّا بعد، فإنْ كان الله معك فمن تخاف؟ وإنْ كان عليك فمن ترجو؟».

وهذه المعيةُ الخاصة هي المذكورةُ في قوله تعالى لموسى وهارون: {لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (طه:٤٦)، وقول موسى: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} (الشعراء: ٦٢). وفي قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لأبي بكر وهما في الغار: «ما ظَنُّكَ باثنَيْنِ اللهُ ثالثُهُما؟ لا تحْزَنْ إنَّ اللهَ مَعَنَا» (رواه البخاري ومسلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>