للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتضمن هذا الكلام أنْ يُسأل الله - عز وجل -، ولا يُسأل غيره، وأنْ يُستعان بالله دونَ غيره.

وأما السؤال فقد أمر الله بمسألته، فقال: {وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ} (النساء:٣٢).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «مَنْ لَا يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» (حسن رواه الترمذي).

إذا أذِنَ اللهُ في حاجةٍ ... أتاك النجاح على رِسْلِهِ

فلا تسأل الناسَ من فضلِهِمْ ولكن سَلِ اللهَ مِن فضلِهِ

وفي النَّهي عن مسألة المخلوقين أحاديثُ كثيرة صحيحة، وقد بايع النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - جماعةً من أصحابه على أنْ لا يسألوا النَّاسَ شيئًا، منهم: أبو بكر الصدِّيق، وأبو ذر، وثوبان، وكان أحدهم يسقط سوطُه أو خِطام ناقته، فلا يسأل أحدًا أنْ يُناوله إياه.

عن عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً فَقَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟»، وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: «قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ»، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟»، فَقُلْنَا: «قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ».

ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟»

قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا: «قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟».

قَالَ: «عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَتُطِيعُوا» وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً، «وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا».فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ. (رواه مسلم).

إذا عَرِضَتْ لي في زَمَانيَ حَاجةٌ ... وقد أشكِلَتْ فيها عَليَّ المقاصِدُ

وقَفْتُ ببابِ اللهِ وقفَةَ ضَارِعٍ ... وقلتُ: إلهِي إنَّنِي لَكَ قاصِدُ

ولستَ ترانِي واقفًا عند باب مَنْ ... يقول فَتَاهُ: سيِّدِي اليَوْمَ راقدُ

واعلم أنَّ سؤالَ اللهِ تعالى دونَ خلقه هوَ المتعين؛ لأنَّ السؤال فيهِ إظهار الذلِّ من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعترافُ بقدرةِ المسئول على دفع هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>