للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجوز أن يكون في التقدير العمري أو التقدير الحولي أو التقدير اليومي، الذي يقدره الله أمر معلق، ولكنه في اللوح المحفوظ ثابت، والأمر المعلق مثل أن يقدر الله على إنسان بمرض في التقدير الحولي أو العمري أو اليومي، لكنه يعلق بالدعاء، فإذا دعا الإنسان صرف عنه هذا التقدير، وإلا فإنه يحلّ به.

أما التقدير الكوني فإنه لا بد إما أنه مكتوب بأنه يدعو، فينجو من المرض ـ مثلًا ـ أو لا يدعو فيصيبه المرض، فيكون هذا حافزًا لنا أن ندعو الله - عز وجل - دائمًا، ندعو الله تعالى ونستيقن أن هذا الدعاء سيصرف الله تعالى عنا به شيئًا من الشر، أو يحقق لنا شيئًا من الخير، أو يدخره لنا عنده.

الوجه الثاني: شرع الله - عز وجل - الدعاء وأمر به، فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر:٦٠) وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (البقرة:١٨٦)، فإذا فعل العبد السبب المشروع ودعا فإن ذلك من القضاء، فهو رد القضاء بقضاء إذا أراد الله ذلك.

فالدعاء سبب من الأسباب المشروعة شرعها الله - عز وجل - لنا، فنتخذه لندرأ به ما نتوقعه من الشرور، فإن لله - عز وجل - أقدارًا تمشي وفق السنن المعروفة لدينا، ونحن نعلم من السنة الربانية ـ وكل إنسان يعلم هذا ـ أن كثيرًا من الناس دعوا الله - عز وجل - فجنبهم الله مصائب حاقَتْ بمن حولهم، وهذا بفضل دعائهم لله - عز وجل -، بل حتى المشركين إذا دعوا الله - عز وجل - في البحر فإنه ينجيهم.

فمثلًا نحن نخشى أن تقع في مصيبة ـ عافانا الله وإياكم ـ فلو أنك ركبت سيارتك في آخر الليل وأنت سهران، لربما وقع لك حادث، لكن لو قلت: أنا لن أقود السيارة وأنا سهران! فإنك تنجو بإذن الله، فهذا سبب تتخذه فتنجو بإذن الله.

إذًا: الدعاء سبب واضح مجرب يدفع بعض ما يقتضي في علمنا الإنساني البشري وقوع الشر ووقوع المصيبة، التي قد تكون مكتوبة عند الله أنها لا تقع، فالمسلم مطلوب منه أن يدعو الله - عز وجل - ويتخذ ذلك الدعاء سببًا لدفع الشر، ودفع البلاء الذي يتوقعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>