للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفتنة بين الناس، ويكون أقربهم وأحبهم إليه من سعى بالتحريش بين المرء وزوجه حتى يقع الطلاق والفراق بين الزوجين.

فعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: «فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا» فَيَقُولُ: «مَا صَنَعْتَ شَيْئًا».

قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: «مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ».

قَالَ: «فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ».

قَالَ الْأَعْمَشُ: «أُرَاهُ قَالَ: فَيَلْتَزِمُهُ» (رواه مسلم).

قَوْله: (فَيُدْنِيه مِنْهُ وَيَقُول: نِعْمَ أَنْتَ) هُوَ بِكَسْرِ النُّون وَإِسْكَان الْعَيْن وَهِيَ نِعْمَ الْمَوْضُوعَة لِلْمَدْحِ، فَيَمْدَحهُ لِإِعْجَابِهِ بِصُنْعِهِ، وَبُلُوغه الْغَايَة الَّتِي أَرَادَهَا.

قَوْله: (فَيَلْتَزِمهُ) أَيْ: يَضُمّهُ إِلَى نَفْسه وَيُعَانِقهُ.

• ولْنتأمل هذا الموقف:

فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «جَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا - رضي الله عنه - فِي الْبَيْتِ فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّك؟ ِ قَالَت: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي. فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - لإِنْسَان: انْظُرْ أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ. قُمْ أَبَا تُرَابٍ». (رواه البخاري ومسلم).

(فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي: مِنْ الْقَيْلُولَة، وَهُوَ نَوْم نِصْف النَّهَار).

قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّك؟ ِ» فيه إطلاق ابن العم على أقارب الأب لأنه ابن عم أبيها لا ابن عمها وفيه إرشادها إلى أن تخاطبه بذلك لما فيه من الاستعطاف بذكر القرابة وكأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - فهم ما وقع بينهما فأراد استعطافها عليه بذكر القرابة القريبة التي بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>