للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمالَ تحبُّه النُّفوسُ، وتبخَلُ به، فإذا سمحت بإخراجه لله - عز وجل - دلَّ ذلك على صحَّة إيمانها بالله ووعده ووعيده، ولهذا منعت العربُ الزكاة بعدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -،

وقاتلهم الصدِّيقُ - رضي الله عنه - على منعها.

• الصبرُ ضياءٌ:

والضياءُ: هو النُّورُ الذي يحصلُ فيه نوعُ حرارةٍ وإحراقٍ كضياء الشمس بخلاف القمر، فإنَّه نورٌ محضٌ، فيه إشراقٌ بغير إحراقٍ، قال الله - عز وجل -: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} (يونس:٥) ومِن هُنا وصف الله شريعةَ موسى بأنَّها ضياءٌ، كما قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} (الأنبياء:٤٨) وإنْ كان قد ذكر أنَّ في التوراة نورًا كما قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ} (المائدة:٤٤)، ولكن الغالب على شريعتهم الضياءُ لما فيها مِنَ الآصار والأغلال والأثقال.

ووصف شريعةَ محمَّدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنَّها نورٌ لما فيها من الحَنيفيَّةِ السمحة، قال تعالى: {قَدْ جَاءكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (المائدة:١٥) وقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف:١٥٧).

ولما كان الصبر شاقًّا على النفوس، يحتاجُ إلى مجاهدةِ النفس وحبسِها، وكفِّها عمَّا تهواهُ، كان ضياءً، فإنَّ معنى الصَّبر في اللغة: الحبسُ، ومنه قَتْلُ الصبر: وهو أنْ يُحبَسَ الرَّجلُ حتى يقتل.

والصبر المحمود أنواع: منه صبرٌ على طاعةِ الله - عز وجل -، ومنه صبرٌ عن معاصي الله - عز وجل -، ومنه صبرٌ على أقدار الله - عز وجل -.

<<  <  ج: ص:  >  >>