للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئِلَ ابنُ عباس عمَّن كان على عمل، فكان يَظلِمُ ويأخُذُ الحرام، ثم تابَ، فهو يحجُّ ويعتِق ويتصدَّق منه، فقال: إنَّ الخبيث لا يُكَفِّرُ الخبيثَ.

وكذا قال ابن مسعود: إنَّ الخبيثَ لا يُكفِّر الخبيث، ولكن الطَّيِّبَ يُكفِّرُ الخبيث.

وقال الحسنُ: أيها المتصدِّق على المسكين يرحمُه، ارحم من قد ظَلَمْتَ.

الصدقة بالمال الحرام تقع على وجهين:

أحدهما: أنْ يتصدَّقَ به الخائنُ أو الغاصبُ ونحوهما عن نفسه، فهذا هو المراد من هذه الأحاديث أنه لا يُتُقبَّلُ منه، بمعنى: أنَّه لا يُؤجَرُ عليه، بل يأثمُ بتصرفه في مال غيره بغير إذنه، ولا يحصلُ للمالك بذلك أجرٌ؛ لعدم قصده ونيته، كذا قاله جماعةٌ من العلماء.

الوجه الثاني من تصرفات الغاصب في المال المغصوب: أنْ يتصدَّق به عن صاحبه إذا عجز عن ردِّه إليه أو إلى ورثته، فهذا جائزٌ عند أكثر العلماء، منهم: مالكٌ، وأبو حنيفة، وأحمد وغيرهم.

وروي عن مالك بن دينار، قال: سألتُ عطاء بن أبي رباح عمن عنده مالٌ

حرام، ولا يعرف أربابه، ويريدُ الخروج منه؟ قال: يتصدق به ولا أقول: إنَّ ذلك يُجزئ عنه. قال مالك: كان هذا القول من عطاء أحبَّ إليَّ من وزنه ذهبًا.

وقال سفيان فيمن اشترى من قوم شيئًا مغصوبًا: يردُّه إليهم، فإنْ لم يقدر

عليهم، تصدَّق به كلَّه، ولا يأخذ رأس ماله.

• آداب الدعاء:

قوله: «ثُمَّ ذكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ: أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يمُدُّ يدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبّ يَا رَبّ، وَمَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بالحَرَامِ، فأنَّى يُستَجَابُ لِذلكَ؟»

هذا الكلام أشار فيه - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى آداب الدعاء، وإلى الأسباب التي تقتضي إجابَته، وإلى ما يمنع من إجابته، فذكر من الأسباب التي تقتضي إجابة الدعاء أربعة:

<<  <  ج: ص:  >  >>