للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• كونوا عباد الله إخوانًا:

قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا»:هذا ذكره النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كالتَّعليل لِما تقدَّم، وفيه إشارةٌ إلى أنَّهم إذا تركُوا التَّحاسُدَ، والتَّناجُشَ، والتَّباغُضَ، والتدابرَ، وبيعَ بعضِهم على بيعِ بعضٍ، كانوا إخوانًا.

وفيه أمرٌ باكتساب ما يصيرُ المسلمون به إخوانًا على الإطلاق، وذلك يدخلُ فيه أداءُ حقوقِ المسلم على المسلم مِنْ رَدِّ السلامِ، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، وتشييع الجنازة، وإجابةِ الدَّعوة، والابتداء بالسَّلام عندَ اللِّقاء، والنُّصح بالغيب.

قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تَهَادُوا تَحَابُّوا» (حسن رواه أبو يعلى).

وقال الحسن: المصافحةُ تزيد في الودِّ.

• المسلمُ أخو المسلم:

وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ» هذا مأخوذ من قوله - عز وجل -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (الحجرات:١٠)، فإذا كان المؤمنون إخوةً، أُمِروا فيما بينهم بما يُوجب تآلُفَ القلوب واجتماعَها، ونُهوا عمَّا يوجبُ تنافرَ القلوب واختلافَها، وهذا من ذلك.

وأيضًا، فإنَّ الأخ مِنْ شأنه أنْ يوصِلَ إلى أخيه النَّفع، ويكفَّ عنه الضَّرر، ومن أعظم الضرِّ الذي يجبُ كفُّه عَنِ الأَخِ المسلم الظُّلم، وهذا لا يختصُّ بالمسلم، بل هو محرَّمٌ في حقِّ كلِّ أحَدٍ، فعَنْ أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما يَروي عَنْ ربِّه - عز وجل - أنَّه قالَ: «يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظّالَمُوا» (رواه مسلم).

ومِنْ ذلك: خِذلانُ المسلم لأخيه، فإنَّ المؤمن مأمورٌ أنْ يَنصُرَ أخاه، فعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا».

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟

قَالَ: «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» (رواه البخاري وغيره).

<<  <  ج: ص:  >  >>