هَبْ أنّ ابنه تأخر في نومه عن وقت الامتحان، ما حالته؟ ما شعوره؟ ألا يسابق الزمن ليلحق الامتحان؟ ألا ينام بعدها بنصف عين لكيلا يفوته الامتحان؟ كأن الجواب يقول: بلى. هل كان شعوره حين نام عن صلاة الفجر كشعوره حين نام عن امتحانه؟
ألا يسأله كل يوم عن امتحانه: ماذا عمل؟ وبماذا أجاب؟ وعسى أن يكون الجواب صحيحًا، فهل سأله عن أمر دينه يوما ما؟ ألا يضيق صدره ويعلو همُّه حين تعلم أن ابنه قصَّر في الإجابة؟ فهل ضاق صدره حين قصَّر في سنن دينه وواجباته؟
فما عساك فاعل أيها الأب الحنون في امتحان ليس له دور ثان، ولا إعادة؟ فقط نجاح أو رسوب، والرسوب معناه الإقامة في النار أبد الآبدين، معناه الخسران المبين، والعذاب المهين، ماذا تغني عنه شهادته ومركزه وماله إذا أُوتيَ كتابه بشماله، ثم صاح بأعلى صوته {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ}(القيامة:٢٥ - ٢٩).
ما أغنى عني مركزي، ما أغنى عني سلطاني، ما أغنى عني علمي الدنيوي وشهادتي. كل ذلك هَلَك واندَثَر، هلك عني سلطاني {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ}(القيامة:٣٠ - ٣١)، خسارة ورسوب، وأي خسارة، وأي رسوب، تكون في الدنيا طبيبًا أو مهندِسًا أو مُدرِّسًا، أما الآخرة فمؤمن وكافر، فريقان؛ فريق في الجنة، وفريق في السعير.
لا نقول: أهملوا أبناءكم، لا والله، بل نقول: إن الآخرة هي أولى بالاهتمام، وأجدر بالسعي، وأحق بالعمل.
أيها الأحبة مَن مِنا حرص على جلب مربٍّ لابنه يعلمه القرآن ويدارسه السُّنَّة، مَن مِنا أعطى لابنه جائزة يوم حفظ جزءًا من القرآن، أو تعلَّم حديثًا لخير بني الإنسان - صلى الله عليه وآله وسلم -.فماذا كانت نتيجة إهمالنا لأولادنا؟ النتيجة أن اتجه شبابنا إلى الملاعب يوم نادى المنادي:«حي على الصلاة، حي على الفلاح». النتيجة أنْ حلّ محل المصحف مجلة، ومحل السواك سيجارة.