للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلطا، ثم ينتقل بعد من طور إلى طور، وحال إلى حال، ولون إلى لون. {نَبْتَلِيهِ} أي: نختبره. {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} أي: جعلنا له سمعًا وبصرًا يتمكن بهما من الطاعة والمعصية. {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} أي: بينا له طريق الخير وطريق الشر. {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} فهو في ذلك إما شقي وإما سعيد، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» (رواه مسلم).

• الأولاد امتحان:

قال الله - عز وجل -: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيم} (الأنفال:٢٨). أي: اختبار وامتحان منه لكم؛ إذ أعطاكموها ليعلم أتشكرونه عليها وتطيعونه فيها، أو تشتغلون بها عنه، وتعتاضون بها منه؟

{وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أي: ثوابه وعطاؤه وجناته خير لكم من الأموال والأولاد، فإنه قد يوجد منهم عدو، وأكثرهم لا يغني عنك شيئًا، والله، سبحانه، هو المتصرف المالك للدنيا والآخرة، ولديه الثواب الجزيل يوم القيامة.

وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن الْوَلَد مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَحْزَنَةٌ». (صحيح رواه الحاكم والطبراني).

(إن الْوَلَد مَبْخَلَةٌ) بالمال عن إنفاقه في وجوه القُرَب خوف فقره. (مَجْبَنَةٌ) يجبن أباه عن الهجرة والجهاد خشية ضيعته. (مَجْهَلَةٌ) لكونه يحمل على ترك الرحلة في طلب العلم والجد في تحصيله لاهتمامه بتحصيل المال له. (مَحْزَنَةٌ) يحمل أبويه على كثرة الحزن لكونه إن مرض حَزنَا وإن طلب شيئًا لا قدرة لهما عليه حَزنَا، فأكثر ما يفوت أبويه من الفلاح والصلاح بسببه، فإن شب وعق فذلك الحزن الدائم والهم السرمدي اللازم.

فالحذر على الولد يكسب هذه الأوصاف ويحدث هذه الأخلاق، فكأنه أشار إلى التحذير من النكول عن الجهاد والنفقة، وطلب العلم بسبب الأولاد.

• الناس بعضهم لبعض فتنة وامتحان:

قال الله - عز وجل -: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} أي: اختبرنا بعضكم ببعض، وبلونا بعضكم ببعض، لنعلم مَن يُطيع ممن يعصي؛ فالرسول فتنة للمرسَل إليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>