للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي العبادة ابتلاء بتصحيحها، وأدائها كما جاءت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وابتلاء بتحقيق التقوى فيها، يقول - عز وجل - {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (الحج: ٣٧). وهذا جزء يسير من الابتلاء الذي يحدث في هذا الموطن.

٢ - العلم: وهذا موطن خصب لامتحان القلوب، وكم فشل أناس في هذا الامتحان، فطائفة طلبوا العلم لله، ثم تحولت النية إلى الشهوة الخفية، حب الرئاسة، الشهرة، التصدر، التعالي على الأقران، المراء والجدل، القدح في الخصوم .. وغيرها.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي رِيحَهَا. (صحيح رواه أبو داود).

(مِمَّا يُبْتَغَى): أَيْ مِمَّا يُطْلَب. (إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ): أَيْ لِيَنَالَ وَيُحَصِّل بِذَلِكَ الْعِلْم.

(عَرَضًا) أَيْ حَظًّا: مَالًا أَوْ جَاهًا. (عَرْف الْجَنَّة):رَائِحَتها، مُبَالَغَة فِي تَحْرِيم الْجَنَّة لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجِد رِيح الشَّيْء لَا يَتَنَاوَلهُ قَطْعًا، وَهَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقّ أَنَّهُ لَا يَدْخُل أَوَّلًا ثُمَّ أَمْره إِلَى اللهِ تَعَالَى كَأَمْرِ أَصْحَاب الذُّنُوب كُلّهمْ إِذَا مَاتَ عَلَى الْإِيمَان.

٣ - الدعوة:

وهذا المجال من أشد مجالات امتحان القلوب. وأصحاب الدعوة المشتغلون بها من أشد الناس معاناة لهذا الامتحان. فشهوة توجيه الآخرين، والشهرة، والتعالي على الخلق كلها امتحانات قد تجعل الدعوة وبالا على صاحبها ـ والعياذ بالله ـ وفتنة النكوص عن الدعوة، أو توجيهها إلى غير رضَى الله داء عضال.

٤ - الخلاف والجدل:

وهو مرتع من مراتع الشيطان. ومزرعة من مزارعه، ولذلك نبهنا الله جل وعلا إلى الأسلوب الأمثل في المجادلة فقال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: ١٢٥). ولأنه قد يكون الباعث للجدال هو الانتصار للحق، ثم يتحول إلى انتصار للنفس، وهنا مكمن الداء قال - عز وجل -:

<<  <  ج: ص:  >  >>